الثلاثاء، 22 مارس 2011

زواج المتعة الحقيقي لا للمسيار

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين اللذي اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا

أولا : زواج المتعة في الكتاب والسنة

لاشك ولا ريب في تشريع زواج المتعة (المؤقت) في الاسلام وهذا ما نصّ عليه القرآن الكريم والسنّة الشريفة، وإنما الخلاف بين المسلمين في نسخها أو عدمه فذهب أهل السنة والجماعة إلى أنها منسوخة واستدلوا لذلك بعدّة روايات متعارضة فيما بينها، بينما ذهب الشيعة إلى بقاء هذا التشريع المقدس وعدم نسخه لا من القرآن ولا السنة.
ـ وقبل التطرق الى اللأدلة نودّ القول أنّ زواج المتعة ما هو إلاّ قضية فقهية ثابتة عند قوم وغير ثابتة عند آخرين كسائر القضايا والأحكام الفقهية الأخرى التي يمكن الاختلاف فيها، فليس من الصحيح التشنيع والتشهير بالشيعة وجعل زواج المتعة أداة لذلك، فإنّ هذه الاساليب غير العلمية تكون سبباً للفرقة بين المسلمين في الوقت الذي تتركّز حاجتنا إلى لمّ الشعث ورأب الصدع ـ
ما دلّ على مشروعيتها في القرآن الكريم:
قوله تعالى (فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضة…) (24: النساء) فقد روي عن جماعة من كبار الصحابة والتابعين المرجوع إليهم في قراءة القرآن الكريم وأحكامه التصريحُ بنزول هذه الآية المباركة في المتعة، منهم: عبد الله بن عباس، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي، وقتادة.
تفسير الطبري والقرطبي وابن كثير والكشّاف والدرّ المنثور في تفسير الآية، وأحكام القرآن للجصّاص 2/147 وسنن البيهقي 7/ 205، وشرح مسلم للنووي 6/127، والمغني لابن قدامة 7/571.
ما دلّ على مشروعيتها من السنّة الشريفة:
أخرج البخاري، ومسلم، وأحمد، وغيرهم، عن عبد االله بن مسعود قال:
(كنّا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثمّ قرأ عبد الله (يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا إنّ الله لايحب المعتدين).
صحيح البخاري في كتاب النكاح، وفي تفسير سورة المائدة، وصحيح مسلم كتاب النكاح، ومسند أحمد 1/420.
مضافاً إلى ذلك (الاجماع) المنقول , نصّ على ذلك القرطبي قال:
(لم يختلف العلماء من السلف والخلف أنّ المتعة نكاح إلى أجل , لا ميراث فيه، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق) ثم نقل عن ابن عطية كيفية هذا النكاح وأحكامه /تفسير القرطبي 5/132.
وكذا الطبري، فنقل عن السدّي (هذه هي المتعة، الرجل ينكح المرأة بشرطٍ إلى أجل مسمّى) / تفسير الطبري في تفسير الآية.
وعن ابن عبد البرّ في (التمهيد):(أجمعوا على أنّ المتعة نكاح لا إشهاد فيه وأنّه نكاح إلى أجلٍ يقع فيه الفرقة بلا طلاق ولا ميراث بينهما).
وما زالت متعة النساء سارية المفعول مباحة للمسلمين زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزمن أبي بكر وشطراً من خلافة عمر بن الخطاب حتى قال (متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما).
وقد أورد مقالته هذه جمهرة من الكتاب والحفاظ في كتبهم :
تفسير الرازي 2/167، شرح معاني الآثار 374، سنن االبيهقي 7/206 بداية المجتهد 1/346، المحلّى 7/107، الدرّ المنثور 2/141 وفيّات الاعيان 5/197.
فثبت من خلال هذا الاستعراض المختصر جواز ومشروعية زواج المتعة في الاسلام، ومات النبي صلى الله عليه وآله وهي بعد مشرعة غير محرمة ،حتى حرّمها عمر في أيام خلافته.
أما بيان كيفية تعارض أخبار النسخ وسقوطها عن الحجية فله مجاله الخاص به.

ثانيا : انواع الزواج وشروطه

في نظر الشيعة الإماميّة أن الزواج الثابت في الاسلام هو الزواج الدائم والزواج الموقّت(المتعة ) , ولا يوجد في زماننا اتصال واقتران بين الزوجين شرعي إلاّ من خلال هذين الزواجين .

وأما شروطهما فهي:

1 ـ يشترط في كليهما التلفظ بصيغة عقد الزواج من الايجاب والقبول . ففي الدائم , تقول المرأة للرجل:زوّجتكَ(أو انكحتك )نفسي على المهر المعلوم .

فيقول الرجل له:قبلت .

وفي الموقّت , تقول المرأة للرجل:متّعتك(أو انكحتك )نفسي على المهر المعلوم في المدة المعلومة .

فيقول الرجل له:قبلت .

2 ـ يشترط في كليهما تعيين المهر .

ولا فرق بين أن يكون المهر مالاً ـ كألف دينار أو درهم ـ أو غير مال كمنفعة أو عمل أو تعليم أو غير ذلك .

3 ـ يشترط في كليهما إذن الولي ـ الأب والجد من طرف الأب ـ اذا كانت البنت بكراً، ولا يشترط في كليهما اذن الولي إذا كانت المرأة ثيبا .

4 ـ يشترط في كليهما العدّة بالمدخول به , لمن تريد ان تتزوّج ثانية .

5 ـ يشترط في الدائم النفقة على الزوجة , ولا يشترط في الموقّت إلاّ مع الشرط ضمن العقد .

6 ـ يشترط في الموقّت ذكر مدّة التمتّع , كسنة أو شهر أو يوم أو غير ذلك .

7 ـ يشترط في الدائم التوارث بين الزوجين .

8 ـ يشترط الاشهاد في طلاق الزوجة الدائمة .

9 ـ لا طلاق في زواج الموقّت , وإنّما تبين المرأة بانقضاء المدّة المقرّرة أو بهبة بقية المدّة لها .

10 ـ لا يشترط في كليهما الاشهاد حال العقد , بل هو أمر مستحب .

ثالثا: الادلة على جوازها

إنّ زواج المتعة وبعبارة أخرى (الزواج المنقطع) ممّا اتفقت عليه الامامية واعتبر من مختصاتهم واستدلوا له بأدلة عديدة من القرآن الكريم والسنة القطعية (التواتر) والاجماع.
ونذكر لك بعض الروايات في ذلك.
ورد في كتاب الكافي الشريف للشيخ الكليني (رحمه الله) عن أبي بصير قال:سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال: نزلت في القرآن (فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن أجورهنّ فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة)
الكافي 5/448/1
وعن عبد الله بن سليمان قال:سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:كان علي (عليه السلام) يقول:لولا ما سبقني به بنيّ الخطاب ما زنى إلا شقي.
الكافي 5/ 448/2
وقد وردت أحاديث كثيرة أيضاً في استحباب زواج المتعة منها (عن محمد بن مسلم عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:قال لي:تمتّعت؟ قلت:ل , قال:لا تخرج من الدنيا حتى تحيي السنة.
وسائل االشيعة ج21/2/11
وهنالك روايات أخرى تثبت عدم نسخ هذا الحكم وبقاءه الى اليوم ففي الوسائل (باسانيد كثيرة الى أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام):هل نسخ آية المتعة شيء؟
قال: ل , ولولا ما نهى عنها عمر ما زنى إلا شقي.
فما يقال من أنها منسوخة بروايات عن الصحابة عن رسول الله مضافاً الى ضعف سندها وتناقضها وتعارضها فيما بينه , لا يقابل ولا يعارض ما ثبت بالضرورة عند الامامية من شرعيتها وعدم نسخها الى يوم القيامة.
وبعد أن ثبت بالدليل والبرهان جوازها فلا مجال للاستحسان وإبداء الرأي وأشباه ذلك، فهذه الامور متأخرة عن الدليل الشرعي حتى عند القائلين بحجيتها وصحتها.
والاشكال الذي أوردته من اختلاط الانساب غير وارد، وذلك لأن الاحكام الشرعية الثابتة لا تبطل إعتماداً على ما ربما تترتب عليها، وحكم ما ذكرته حكم الرضاع، فما ربما يتسبب من الإختلاط في الرضاع أكثر بكثير من موردنا، فهل يصح لنا أن نحرم الرضاع لأجله، وكذا ماذكرته قد يقع في الزواج الدائم وإن كان نادراً.

رابعا : الفرق بينها وبين زواج المسيار
أن زواج المسيار هو ان يتفق الزوجان فيما بينهما على إسقاط حقوق الزوجة من النفقة وتقسيم الليلة بين الزوجتين ثم ينتهي بالطلاق أو يستمرا في حياتهما إن شاءا كذلك .
وهذا الزواج كما تعلم اتفاقٌ بين الزوجين بإسقاط الحقوق إشباعاً للحاجة الجنسية بينهم , وهي طريقة مستجدة , وممّا يؤسف عليه أن هؤلاء الذين لجئوا إلى هذه الطريقة من الزواج لم يريدوا ـ عن عمدٍ أو عن جهل ـ أن يذعنوا إلى حكم شرعي شرّعه الله تعالى في كتابه كما شرّع الزواج الدائم وهو نكاح المتعة , فكما أن المجتمع يخشى إفلات أبنائه بسبب الدوافع الجنسية غير المهذبة شرّع الله تعالى ـ وهو العالم بما يحتاجه خلقه ـ شرع زواج المتعة تلافياً لأي عملٍ يوقع الإنسان في معصيته بعد أن يكون غرضاً للتجاذبات الجنسية المجنونة .

وزواج المتعة هو عقدٌ بين الزوجين على مهرٍ معلوم وبأجلٍ معلوم فإذا انتهى الأجل انتهى الزواج دون الحاجة إلى طلاق , وليس بين الزوجين توارث أي لا يرث أحدهما الآخر إن مات أحدهما في مدة العقد , وعلى الزوجة أن تعتد بحيضة واحدة أو بخمسٍ وأربعين يوماً إذا كانت ممن لا تحيض .

وبهذا استطاع الإسلام من أول بزوغه أن يعالج المشكلة الجنسية بحكمةٍ بالغة ولم ينسخ حكمها أبد , بل اجتهد رجلٌ برأيه فحرّم ذلك , وبقي البعض على تشريع رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" , واتبع الآخرون تحريم من اجتهد بالتحريم .

فزواج المتعة زواجٌ قائم بذاته له خصوصياته وللزوجة مهرها وعليها عدته , في حين زواج المسيار هو زواج دائم بإسقاط حقوق الزوجة أو حقوق الزوجين كلاهما .

خامسا : تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع

نبحث عن أصل المشروعية له , وما ذكر حوله في القرآن والسنة , وأنه كان ثابتـاً قطعـا فهل نسخ ؟! وكما هو المعلوم النسخ لابد أن يأتي متواتر , وإذا كان قد نسخ لماذا قال عمر بن الخطاب :( متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أحرمهما) ؟! ولماذا كان ابن عباس يفتي بالمتعة إلى آخر حياته ؟! وهل يصدق بأن ابن عباس لم يصل إليه النسخ ؟!
تساؤلات علينا أن نبحث فيها .

وتارة نبحث أترضى كذا وكذ , فهل هذا بحث علمي , أم هو من كلام العاجزين عن الدليل الذين يهذون بهذه الترهات .

فإذا استطعنا أن نثبت اصل الحكم الشرعي , لا يمكن أن نورد هكذا خزعبلات.

وإذا فتحنا الباب أمام هذه المغالطات , فانها ستجري على جميع الأحكام الشرعية.

فلو كانت أختك أو بنتك قد طلقت , وتزوجت ثانية , وطلقت , وأرادت الزواج مرة أخرى , فكيف ترضى أن يتمتع بها الرجال بين الحين والآخر ؟!

وكما هو معلوم لدى أهل التحقيق أن المتعة لها شروط , منه:أن لا تكون بكراً فاذا كانت بكراً يشترط في زواجها متعة إذن الولي , ومنها العدة , فإذا انقضت المدة وأرادت أن تتمتع بآخر لا يمكن لها إلا بعد العدة .

فالمتعة , حقيقة ثابتة , تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع , وذلك إذا طبقت بشرطها وشروطها .

وصلى الله على محمد وأل بيته الطيبين الطاهرين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق